موسم الأخطبوط يبعث بإشارات محفزة من موريتانيا وسط ترقّب مغربي !

سبت, 20/12/2025 - 13:56

تشير المعطيات المحققة مع انطلاق موسم الأخطبوط بالشقيقة موريتانيا، كما تم رصدها يوم الخميس 18 دجنبر 2025، إلى دينامية تصاعدية لافتة تعكس عودة هذا المنتوج الرخوي إلى واجهة الاهتمام الاقتصادي الإقليمي. فقد سجل المؤشر تطورا مطردا تُرجم ميدانيا بتجاوز حاجز 537 طنا خلال ليلة واحدة، ما رفع الكميات المصطادة خلال الأيام الأولى إلى حدود ألف طن، بقيمة تقارب أربعة مليارات أوقية قديمة.

الصورة من موقع المؤشر الإقتصادي الموريتاني

ووفق ذات المعطيات المتداولة محليا التي أورد تفاصيلها موقع المؤشر افقتصادي الموريتاني، فقد بلغ السعر 4200 أوقية قديمة للكيلوغرام على الشاطئ ، وهو  معطى محفز  يعكس توازنا دقيقا بين العرض والطلب، ويشير إلى حضور قوي للمشترين المحليين والدوليين منذ الأيام الأولى، وهو ما يعزز فرضية أن الأسواق الخارجية، خصوصا الآسيوية والأوروبية، دخلت الموسم بشهية مرتفعة، مدفوعة بتراجع المخزونات وارتفاع الطلب على المنتجات البحرية ذات القيمة المضافة العالية. هذا المعطى السعري يمنح إشارات مهمة حول سقف التوقعات الممكنة خلال الأسابيع المقبلة، ويطرح في الآن ذاته أسئلة حول استدامة هذا المستوى في حال تواصلت الكميات بنفس الوتيرة.

في هذا السياق، تبدو التجربة الموريتانية بمثابة مرآة تتابعها الأوساط المهنية بالمغرب بكثير من الإنتباه، خاصة وأن الاستعدادات الجارية لانطلاق موسم الأخطبوط بالمملكة تتم في ظرفية إقليمية ودولية دقيقة، خصوصا وأن النجاح النسبي المسجل جنوبا يعزز لدى الفاعلين المغاربة انتظارات بخصوص موسم قادر على تحقيق توازن بين الحفاظ على المخزون وضمان مردودية اقتصادية مقبولة. ف بالعودة لتحليل السعر المتداول 4200 أوقية قديمة للكيلوغرام على الشاطئ في موريتانيا،  سيكون هو 110 درهم مغربي تقريبا . ما  يعني أن سعر الأخطبوط على الشاطئ في موريتانيا يناهز حاليا 110 دراهم للكيلوغرام، وهو مستوى مرتفع نسبيا إذا ما قورن ببدايات مواسم سابقة، ويقارب أو يلامس أسعار البيع الأولي في بعض الموانئ المغربية خلال فترات الطلب القوي.

 ويحمل هذا المعطى دلالتين أساسيتين يبقى أولهما  أن الطلب الدولي حاضر بقوة منذ الأيام الأولى للموسم، ما يدفع الأسعار إلى مستويات عالية عند المنبع. وثانيا، أن الفارق السعري التقليدي بين موريتانيا والمغرب يضيق بشكل لافت، وهو عنصر قد ينعكس مباشرة على انتظارات المهنيين بالمغرب، سواء من حيث سقف الأثمنة الممكنة أو من حيث شدة المنافسة على الأسواق الخارجية، خصوصا الآسيوية.

كما أن المعطيات الحالية تفتح النقاش حول موقع المغرب في الخريطة التنافسية للأخطبوط، في ظل منافسة إقليمية متزايدة، حيث لم يعد الرهان محصورا في حجم المصطادات فقط، بل في جودة التدبير، والتحكم في توقيت العرض، والقدرة على تثمين المنتوج وولوج أسواق ذات قيمة عالية بشروط أفضل. من هذا المنظور، فإن ما يجري في موريتانيا يوفر إشارات أولية حول مزاج السوق الدولية وأسقف الأسعار الممكنة، وهو ما قد يساعد المهنيين وصناع القرار بالمغرب الذين هم على موعد مع إنعقاد لجنة تتبع مصيدة الأخطبوط وسط الأسبوع القادم، على ضبط استراتيجياتهم، وتكييف قراراتهم التنظيمية والتجارية  بما ينسجم مع انتظارات مرحلة تتطلب أكثر من أي وقت مضى قراءة اقتصادية هادئة، ونقاشا مهنيا مسؤولا حول مستقبل هذا المورد البحري الاستراتيجي.

يذكر أن الفاعلين الخواص في المغرب وموريتاينا ، كانوا قد إتفقوا بتاريخ 10 يناير 2024 في لقاء جمعهم بالمعهد العالي للصيد البحري بمدينة أكادير، على تأسيس لجنة تشاورية مشتركة بين الفاعلين الإقتصاديين بالمغرب والجمهورية الإسلامية الموريتانية،  لتدبير وتسويق المنتجات البحرية والشؤون ذات الصلة بين البلدين لاسيما الرخويات لتوحيد الكلمة في السواق الدولية ، بما يضمن تعزيز تنافسية المنتوج والإستفادة بأكبر قدر ممكن من الفرص التي يتيحها السوق وفق منافسة إيجابية وليس سلبية . وهو  ما يحتاج لكثير من التنسيق لتحفيز الأثمنة بين الفرقاء المهنيين،  وفتح أفاق تكاملية تتيح تثمين هذا المنتوج بالشكل الذي يخدم المصالح المشتركة للفاعلين الإقتصاديين. وهي تطلعات تفرض التكتل في لجن إقليمية تعيد الإعتبار للمنتوج ، وتفتح أمامه أبوابا تنافسية على مستوى التسويق .